Translate

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

هل سيفشل تهويد القدس كما فشل تهويد الجليل والنقب

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)المائدة
صدرت في الآونة الأخيرة تقارير إسرائيلية تحدثت عن مؤشرات فشل مشروع "تهويد الجليل والنقب". لكن هذه ليست التقارير الأولى التي "تشكو" فشل واحد من أهم المشاريع الصهيونية الاستراتيجية في فلسطين، بجعل منطقتي الجليل (شمالاً) والنقب (جنوباً) ذات أغلبية يهودية واضحة. وكان أول من طرح هذا المشروع الصهيونى للتنفيذ، هوأول رئيس وزراءللكيان الصهيونى( ديفيد بن غوريون) إلا أن كل التقارير الرسمية أكدت على استمرار هجرة الشباب اليهود من هاتين المنطقتين، نحو ما يسمونه دولة تل أبيب العلمانية الأقرب إلى الأجواء الأوروبية، بينما نسبة فلسطينيي 48 تستمر في الارتفاع هناك.
فقد سعت الصهيونية منذ العام 1948، إلى نشر اليهود في أرجاء فلسطين كافة، من باب ضمان السيطرة الكلية، ومنع أي تواصل فلسطيني يسمح باستمرار طرح مشروع التقسيم الدولى فى العام ذاته للتنفيذ على أرض الواقع على الرغم من رفض العرب له فى حينه. وجرى تكثيف الاستيطان في الجليل في المناطق التي كانت ضمن فلسطين، وفق ذلك القرار الدولي. فجاء بن غوريون الى مدينة الناصرة، التي باتت عند النكبة (مدينة فلسطينيي 48) الأكبر من أصل مدينتين في حينه؛ إذ تضاعف عدد سكانها عام النكبة، من 8 آلاف نسمة إلى أكثر من 15 ألف نسمة، بفعل تدفق النازحين في وطنهم، فيما يسكنها اليوم 82 ألف فلسطيني. وقرر بن غوريون أن يزرع على أراضي الناصرة والقرى المجاورة مستوطنة لليهود سماها (نتسيرت عيليت)، وترجمتها للعربية الناصرة العليا، بينما هو استوطن في مستوطنة زراعية صغيرة في النقب، سموها   ( سديه بوكير)، كي يكون نموذجاً يحتذى به.
إلا أنه بعد مرور ستة عقود على مشروع بن غوريون، فإن فلسطينيي 48 ما يزالون يشكلون الغالبية في الجليل (54 %). ومن دون حيفا ومنطقتها، ترتفع النسبة إلى 60 % على الأقل. أما درّة تاج الصهيونية (نتسيرت عيليت)، فقد باتت مدينة مختلطة، بسبب الزحف العربي إليها، نتيجة لحالة التزايد السكاني في البلدات العربية والذى يرفض (الكيان الصهيونى) توسيع مناطق نفوذها. وبات العرب يشكلون فعلياً 20 % من (نتسيرت عيليت)، وهي نسبة تتزايد سنويا، حتى إن ائتلاف المجلس البلدي بات مضطراً لاستيعاب الكتلة الوحدوية لفلسطينيي 48 هناك، ونائب رئيس البلدية هو  د. شكري عواودة. ولن يُسعف الصهيونية قرارها بزرع حي لليهود المتزمتين في تلك المدينة، لكسر نسبة العرب فيها.
وحال النقب لا تختلف كثيراً. فالعرب هناك يشكلون نسبة 40 %، وهي أيضاً نسبة مستمرة في الارتفاع. وتقول الأبحاث، إن نسبة اليهود في هاتين المنطقتين، تتراجع سنوياً بنسبة نصف بالمائة، بفعل هجرة الأجيال الشابة إلى حيث الحياة العصرية ، والازدهار الاقتصادي، وفرص العمل التي لا حدود لها، في منطقة تل أبيب الكبرى، أو حسب التسمية الإسرائيلية (دولة تل أبيب). فقد وعد الكيان الصهيونى يهود العالم بحياة عصرية أوروبية أميركية، ولكنهم حينما حطوا في فلسطين، لم يجدوا هذه الحياة بتفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة، إلا في (تل أبيب) وجوارها.
ويقول تقرير لبنك(الكيان الصهيونى) المركزي، إن شريحة الجيل من 18 إلى 30 عاماً من اليهود، تراجعت في هاتين المنطقتين في السنوات القليلة الأخيرة، بنسبة 11 % إجمالاً، وهي النسبة التي ارتفع بها عدد قاطني منطقة تل أبيب من هذه الشريحة العمرية. في حين حذّر بحث أكاديمي في جامعة حيفا، صدر قبل خمس سنوات، من أن استمرار الارتفاع الحاد في نسبة المتدينين اليهود من كافة التيارات ، سيدفع بالعلمانيين والأجيال الشابة أكثر نحو( تل أبيب)، التي تشهد حالة ازدحام سكانى. وفي حال استمر التضييق، فقد تكون( تل أبيب )المحطة الأخيرة لتلك الأجيال قبل أن تقرر سحب جواز سفرها الأوروبي أو الأميركي، والهجرة مجدداً إلى البلاد المفتوحة.
لقد رصد(الكيان الصهيونى) على مدى عقود ميزانيات ضخمة لتنفيذ مخططات تطويرية، لتحفيز اليهود على الانتشار أكثر في كل فلسطين، ولكنهم فشلوا.والأكثر من ذلك انهم حاولوا تهويد لغتنا العربية ولكنهم أيضاً فشلوا ، إذ لم يدخل فقط سوى بعض التعابير العبرية إلى حوارات فلسطينيي 48،وفى المقابل دخلت الكثيرمن التعابيرالعربية العاميّة الى قاموس حوارات اليهود الصهاينة، من أبرزها ما يناسب هنا: "كلام فاضي" (فارغ). لنقول إن مشروع بن غوريون لتهويد الجليل والنقب، ما هو إلا "كلام فاضي".
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)المائدة.


0 التعليقات:

Blogger Template by Clairvo